بقلم الآثارى
محمود محمد مندراوى
مفتش آثار المنيا الشمالية
برع الفنان المصرى القديم فى فن النقش والتصوير على جدران المقابر والمعابد
والمقاصير والنقوش التذكارية التى تملء بر مصر
وعلى المسلات و أوراق البردى وحتى على أدوات الزينة وأدوات الطعام والحلى والتوابيت
والآثاث سواء أكان آثاث
جنائزى او آثاث أستخدمة فى حياتة
اليومية منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى
نهاية العصور الفرعونية
فلم يترك المصرى القديم شئ يستخدمة فى حياتة او مماتة إلا وقد نقش عليه شئ
او رسم علية صورة فنجد انه فى معابدة قد نقش كتابات و أناشيد تمجد المعبود او الآلهه الذى يعبدة الى جانب صور للآلهه
المختلفة والتى زينت جنبات المعبد وأيضا نقوش بأسماء وأنواع القرابين التى ستقدم
للمعبود فى شكل قرابين من الشعب خاصتة وعامتة
وايضا نقش على مقبرتة أعماله اليومية
و أسمائة وصفاتة ورسم مناظر تدل على استخدامتة اليومية ونشاطة اليومى من عمل او
ترفية فلم يترك شبرا من حوائط المقبرة إلا وقد نقش او رسم عليه منظرا يمجده او
يمجد إلهه الخاص
وايضا ظهرت النقوش على التوابيت والتماثيل مثل تماثيل الأوشبت وكلها كانت
عبارة عن نصوص جنائزية من كتاب الموتى ولم تظهر هذه النقوش فى الدولة القديمة وانما
كان بدأية ظهورها فى عصر الأنتقال الأول
وقد مر فن النقش والتصوير بمراحل زمنية مختلفة الى ان وصل للشكل الأمثل والأوضح
فكانت بدايتة فى عصر ما قبل الأسرات مرورا بالعصور الفرعونية المختلفة والتى كل
فترة زمنية وكل عصر تميز فيه فن النقش والتصوير عن سابقة ولاحقة وسوف نتحدث فى
مقالنا هذا عن فن النقش والتصوير فى عصر الدولة القديمة وسنوافيكم بمقالات أخرى
فيما بعد بالعصور الفرعونية المختلفة وكيف تطور فن النقش والتصوير فيها الى ان بلغ
قمة روعتة وبهائه فى عصر الدولة الحديثة
أولا عوامل إزدهار فن النحت فى عصر الدولة القديمة :
يرجع إزدهار فن النحت والتصوير فى عصر الدولة القديمة بسب الأستقرار التى
نعمت وحظيت به مصر فى تلك الفترة مما جعل هناك
رخاء وثراء فى الشعب المصرى بمعظ-م طبقاتة والذى بدورة أراد ان يتمتع بهذ النعيم فى حياتة
الدنيا ويأخذه ايضا الى عالمة الأخر بعد
موتة لأعتقاد المصرى القديمة بعملية البعث والخلود وهذا ما جعل المصرى القديم يضع آثاثه ومتاعة
الدنيوى فى الدنيا معه فى قبره ليتمتع بها
بعد موتة وايضا اراد ان يصور حياتة اليومية وأسمائة وصفاتة وبطولاتة وعائلتة على
جدران مقبرتة ليتباهى بها فى العالم الأخر مما جعل المصرى القديم ينفق الكثير فى أعداد
مقبرتة وحياتة بعد الموت وتجهيزها بالمتاع والآثاث والنقوش والرسومات التى سوف
تخلدة فى عالمة الأخر
الى جانب تطور العقيدة المصرية القديمة ووصولها لمراحل متقدمة فى
الايدلوجية الدينية والذى تطلب بطبيعة
الحال تسجيل هذا التطور على جدران المعابد وعلى أوراق البردى عن طريق كتابة أناشيد
وأساطير وحكايات الآلهه فى العالم الأخر
ثانياالهدف من فن النقش والتصوير فى عهد الدولة القديمة
:
كان الهدف من النقش والتصوير والرسم فى عهد الدولة القديمة هو تأدية وظيفة نفعية محضة الى ان الهدف تطور
بطريقة سريعة جدا وأصبح هدفا عاما هو تطوير فن النقش والتصوير والخروج به من حالة
الجمود والتقليد الى حالة الأبداع الفنى وأدخال نماذج جديدة فى فن النقش والتصوير
عن العهود التى سبقتة وهذا ما جعل فن النحت فى تلك الفترة يتميز بأنه غير دقيق
وغير جيد بالنسبة لفنون عصر ما قبل الأسرات او عصر بداية العصر العتيق والحقيقة ان
ذلك لم يكن بسبب ضعف مستوى الفنان المصرى وانما كان لميلة للتجديد ووحبة للإختراع وكما قلنا الخروج من قيود فن الرسم
والتصوير القديمة الى آفاق أوسع وأشمل فرسم مناظر معقدة تحتاج الى وقت طويل جدا من
التدريب والخبرة كى يصل بفنه للدرجة المطلوبة فى الأتقان والجمال والتناسق وهذا ما
لم تتطلبه منه تلك الفتره الزمنية السحيقة
وقد كانت
الكتابة المصرية القديمة سبب من أسباب أزدهار فن النقش والتصوير عند المصرى القديم
فالمعروف ان اللغة المصرية القديمة -الخط الهيروغليفى – هو عبارة عن مجموعة من الرسوم والأشكال
سواء كانت أشكل حيوانية او نباتية او أدمية او حتى هندسية مما جعل فن التصوير
يتقدم ويتطور بسب ميل المصرى القديم لعملية الابداع فى كتابتة وأظهارها بشكل جميل
ومتناسق وأقرب الى الحقيقة ولما لا وقد اطلق على هذه الكتابة -الكتابة المقدسة –
والتى يجب الا يخطئ فيها لأنها كلام الرب المعبود سوء كان الخطئ إملائى او لفظى او
حتى شكلى مما دعاه الى الدقة والأبداع فى الكتابة والتى بدورها ظهرت نتائجها على
فن التصوير والرسم
والجدير
بالذكر هنا ان الفنان المصر القديم قد نكر ذاتة ولم ينقش اسمه على أعمالة التى قام بنقشها وتصويرها مع العلم حب
الفنان المصرى القديم للظهور والتمجيد لأعماله ونقشها على مقبرتة وقد يرجع هذا
ايضا الى ان الفنان المصرى القديم قد اجبر على ذلك
ومن الأعمال
التى شهدت تسجيل أسم صاحبها على عمله مشهد مقبرة- ورإيرمن- حاكم الأشمونين والذى
نحتها الفنان –بتاح خو- ونرى فيها الفنان قد رسم نفسه على مائدة الحاكم وبينى
موظفى القصر
ثالثامميزات
النقوش التصوير فى عهد الدولة القديمة :
1-تميز
النقش والتصوير والرسم فى تلك المرحلة الزمنية السحيقة بالرشاقة والأنسجام وخير
مثال على ذلك لوحة الملك (زت) بمعنى الثعبان من الأسرة الاولى والموجودة فى متحف
اللوفر فى العاصمة الفرنسية باريس والتى تتميز برشاقتها ودقتها وأنسجامها
مقبرة
مرس اس عنخ دولة قديمة اسرة رابعة
2- ايضا
تميزت بعض لوحات هذه الفترة بانها ليست
بها اى نوع جمالى يشد ويجذب الناظر اليها مثل لوحة الملكة مر-نيت الجنائزية ولوحة
الملك بر- إيب-سن
3- تميزت
لوحات الأمراء والنبلاء بانها خشنة الصنع وليس عليها صور للمتوفى من أمثالها لوحة سا-اف أحد
نبلاء عصر الملك –قع-
4- لم يكن
فن الرسوم والتصوير قاصرا على البشر فقط
بل شمل ايضا الحيوانات التى كان يستخدمها
المصرى القديم فى دنياة والتى اراد ان يصورها ويدفنها بجانب مقبرتة حتى يستطيع
التمتع والنفع بها فى حياتة الأخرى البرزخية ومن أمثال تلك الرسومات لوحات حفائر مقابر
شمال سقارة والتى ترجع الى عصر الأسرتين الاولى والثانية
5- أستمر
تصوير الكلاب فى عصر الدولة القديمة مرورا بعصر الانتقال الاول الى ان وصل ايضا
الى عهد الدولة الوسطى
6-أظهر
الفنان فى تلك الفترة مهارة فائقة فى تصوير الأقزام ورسم الجسم الصغير بكل دقة وأمانة وحذق فاق ما كان متوقع منه فى
تلك الأزمان السحيقة ولما لا وقد كان للأقزام مكانة رفيعة داخل القصر الملكى
وخارجة وهم من كانوا يدخلن السرور على الملك وعائلتة وايضا كانوا هم صاغة مصر
الاوائل وذلك لدقة أناملهم والتى ساعدتهم على مسك الملاقيط وتثبيت الفصوص من
الأحجار الكريمة على
المعدن
7- تميزت
لوحات العاج فى تلك المرحلة بالدقة والإتقان فى النقش او الرسم عليها سواء كان هذا
النقش بارزا او غائرا وأراد من خلاله ان يتخلص من قيود الماضى السحيق ومن جموده
8- اما
نقوش مقابر هذه الفترة فقد مرت بمراحل متعددة كانت فى البداية قاصرة على مدخل
المقبرة وكان ينقش عليها الصلوات وأسم ولقب المتوفى وكذلك بعض أقاربة وتطورت الى ان
أنتقلت الى الحوائط من الداخل فرسم كل ما كان يتمتع به فى الدنيا على جدران
المقبرة الداخلية وبالتدريج بد أ فى
التوسع فى عملية النقش والتصوير وزيادة عدد الغرفات والتى لم يخلوا مكان فى
حوائطها الا وقد نقش عليه رسم او كتب عليه نص وكانت تلك المناظر تشمل المتوفى و أقاربة
والحياة اليومية له وأسمائة والقابة وتمجيد أعمالة ورحلات الصيد والقنص التى كان
يقوم بها
9- نقش
فنان تلك الفترة على الأحجار الصلبة والهشة
والعاج والمعدن وايضا على الفخار
10- كانت
تلك الفترة هى أنطلاقة الأبداع فى فن النقش والتصوير فى العصور التالية والتى وصل
فيها فن
النقش الى أروع مدى له مثلما حدث فى عصر الدول الحديثة
مقبرة شرت نبتى الاسرة الرابعة
11-على
الرغم من براعة المصرى القديم فى تلك الفترة والتى رسم وصور فيها كل ما هو موجود فى الطبيعة من نبات و أزهار
وطبيعة وحيونات وطيوار الا انه عجز عن
تصوير الوجه الأدمى الا من خلال الجنب او بطريقة جانبية وهذا ما أستمر الى أخر
العصور الفرعونية
12- بلغ فن
النقش والتصوير فى تلك الفترة ذروتة فى منتصف الأسرة الخامسة فبدأ يظهر تفاصيل أجساد
الطيور والحيونات والنباتات
13-وضح في
تلك الفترة مدى ثبات الألوان وأنسجامها مع
بعضها فأول ما أستخدم المصرى القديم الألوان استخرجها من النباتات والحشرات الا ان
هذه الألوان لم تكن تثبت لفترات طويلة وكانت سريعة البهتان فبدأ يستعمل الألوان
المستخرجة من المعادن وأشجار السمغ التى تتميز بثبوت اللون فقد استخرج اللون
الأبيض من الجص والأسود من السيناج
والأحمر والسلقون من اكسيد
الحديد والأخضر من أكسيد النحاس هو
والأزرق والآصفر من الصمغ والبنى خليط ما بين الأحمر والأسود
13- تميز
فن النقش ايضا فى تلك الفترة الى ميله
للتسطح وأغفال البعد الثالث فى نقوشة وتصويرة
14- كان
صاحب المقبرة فى النقوش هو من يصور بطريقى اكبر تكاد تملء المسطح المرسوم ومن
بجوارة يكونوا باحجام صغيرة الا فى حالة واحدة وهى ان تكون الزوجة فى نفس الصورة
فكانت ترسم بنفس الحجم وذلك يدل على احترام المصرى القديم للزوجة ومكانت المرأه فى
المجتمع المصرى القديم
15- وصلت النقوش والكتابات فى عصر الاسرة الرابعة الى قمة روعتها فى عهد
الدولة القديمة ويظهر هذا جليان فى متون الاهرام
رابعا مدارس
فن النقش والتصوير فى عهد الدولة القديمة :
أنقسمت
مدارس تلك الفترة الى مدرستين فنيتين مختلفتين
المدرسة
الأولى:
كانت تقوم بتجهز السطح وتعدة وتنعمه بازلتة الزوائد وبعدها
يرسم الفنان بالمداد الاحمر او الاسود على هذا السطح حسب قانون الرسم وبعدها يبدأ فى عملية الحفر اما بارزا او غائرا
كما يحلو لصاحب المقبرة ومن بعدها تتم ا-ظهار التفاصيل التى تبرز المنظر وتلون
المدرسة
الثانية :
كان يتم
وضع طبقة من الخص وخاصتا ان كانت الحوائط
من الطوب اللبن او من الاحجار الرديئة لتغطية العيوب الموجوده فى الحوائط
واحفاء اللون الاصفر الناتج من الحجر
المحلى وبعدها كانت ترسم بالالوان المختلفة ومن امثلة هذه المدرسة مقبرة الامير –خمت رع-
المراجع :
-الفن المصرى القديم دكتور عبدالحليم نور الدين
- موسوعة سليم حسن مصر القديمة الجزء الثانى
- كتاب تاريخ مصر القديمة للدكتور رمضان عبده
-مصر الفرعونية للسير آلن جاردنر ترجمة دكتور نجيب ميخائيل ودكتور
عبدالمنعم ابو بكر
-الاثار المصرية فى
وادى النيل لجيمس بيكى ترجمة نور الدين
الرازى ومراجعة محمد جمال الدين مختار
- تاريخ الحضارة
المصرية
بحث كامل عن السحر فى مصر القديمة |
بحث كامل عن الأسكندر المقدونى |
بحث كامل عن مقابر بنى حسن |
بحث كامل عن دير سانت كاترين |
بحث كامل عن الهكسوس |
0 التعليقات:
إرسال تعليق