جديد المدونة
Loading...
الأحد، 16 فبراير 2014


بقلم 
مروة على 
مفتشة آثار المنيا  الشمالية اسلامى 

''''ان كيدهن عظيم '''''


ولدت ست الملك عام 970 بعد الفتح الإسلامي لمصر بعام واحد. وفدت مع أبيها العزيز بالله في ركب جدها المعز لدين الله الفاطمي أواخر عام 362هـ وتربت في القصر الفاطمي بقلب القاهرة، وكانت أمها جارية رومية من سراري العزيز، وست الملك ولدت قبيل ميلاد أخيها الحالم بنحو ستة عشر عاماً وأمها كانت تسمي الست العزيزية.

اتسمت ست الملك بالرزانة والحزم الشديد والتحفظ والصرامة ، وايضا الفطنة والذكاء الكبيرين ، اهتمت بالامور العظيمة ، وحازت علي حب وافر من والدها ، حتي إذا كبرت ووضع ثقته فيها ، وكان يستشيرها في الكثير من الأمور.

ولما توفي العزيز بالله ، خلفه ولده الحاكم بأمر الله وكان صغيراً لم يبلغ الثانية عشرة، فتولي برجوان مولي أبيه إدارة البلاد وشئون الحكم فترة استطاع فيها الاستئثار بكل السلطات، ولكن الخليفة الفتي سئم وصاية برجوان فدبر أمر مقتله ، واسترد سلطانه .

حكم الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله مصر والشام وأجزاء من العراق مع الحجاز وشمال أفريقيا في المدة ما بين (386ـ 411) هـ الموافق (996 ـ 1020م) ..
كان الحاكم في الحادية عشرة من عمره حين تولى الخلافة في يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من رمضان سنة 386هـ ،وفي ذلك الوقت كانت أخته غير الشقيقة ست الملك قد أتمت عامها السابع والعشرين ، أي كانت تدرك الأمور أكثر من أخيها الصبي ، مع ما اتصفت به ست الملك من ذكاء وعبقرية نلمسها من سيرتها التي بدت بين سطور تاريخ أخيها الحاكم وبعد مقتله .
ووقع الحاكم تحت سيطرة ابن عمار ، ولم تتحمل ست الملك ذلك الوضع فتآمرت مع أخيها على عزل ابن عمار . وكانت ست الملك تشارك أخاها سعادته ظناً منها أن خادمهم برجوان سيكون أفضل من ابن عمار .. ولقد أهدت ست الملك أخاها الخليفة ثلاثين فرساً مرصعة بالذهب والبللور وعشرين بغلة وخمسين خادماً ومائة تخت ثياب وتاجاً مرصعاً وأدوات ثمينة وتحفة فنية عبارة عن بستان من فضة مليء بالأشجار ، وذلك ابتهاجاً بالنصر .
ولكن أفراح الحاكم وأخته لم تطل ، إذ ما لبث أن استبد برجوان الخادم بالأمر بعد أن كون لنفسه حرساً خاصاً وعقد صلحاً مع خصومه السابقين ومنهم ابن عمار في مقابل اعترافهم بسلطانه، وبعد أن تمكن له الأمر أصبح برجوان الخادم السابق يستخفّ بالخليفة ويسيء معاملته وينهب الأموال حتى بلغت ثروته أكثر من مائتي مليون دينار وخمسين أردباً من الدراهم والفضة واثني عشر صندوقاً من الجواهر بالإضافة إلى الممتلكات العينية . وفي غمرة فساده وطغيانه نسي برجوان أن الخليفة الصبي أصبح شاباً وأن أخته ست الملك معه تخطط له ، وفي النهاية نجح التخطيط فاستدعى الخليفة خادمه برجوان وقتله.وكانت ست الملك وأم الحاكم تراقبان الموقف خوفاً على الحاكم ، وبعد التخلص من برجوان رجعتا في اطمئنان ، ولا تزال إحدى حارات القاهرة تحمل اسم برجوان ، وبعد التخلص من برجوان صفا الأمر للخليفة ، ومعه أخته ست الملك ، وكان من الطبيعي أن يبدأ النزاع بينهما بعد فترة من الوئام.
ويبدو أن الحاكم كان يعاني من نوع من الوسواس القهري يخيل إليه أن كل الناس يتآمرون عليه ، وربما يرجع ذلك إلى ما عاناه من بدايته من استبداد ابن عمار وبرجوان به .. وزاد في الوسواس لديه اقتناعه بأن أخته ست الملك تتآمر على حياته وأنها أقدر من الآخرين على الكيد له.

اكثر من قتل الاعوان لانه كان يشك في ولائهم لاخته ، و ثم بدأ العداء بينهما يأخذ صورة علنية ، إذ اتهمها بإقامة علاقات آثمة محرمة مع أولئك الأعوان ، فقد قتل قاضي القضاة مالك ابن سعيد ، وكانت هناك إشاعات تقول أن مالك بن سعيد يذهب إلى قصر ست الملك ويخلو بها بحجة قراءة صفحات الدعوة الشيعية ، وكان معروفاً أن الحاكم يحب القاضي مالك بن سعيد ويثق فيه ، إلا أن تلك الإشاعة أوغرت صدره وأثارت شكوكه ، فاختبر الحاكم ذلك القاضي ، فأمره أن يقطع ألسنة الذين ثبت ترديدهم لتلك الإشاعة ، فلم يستطع القاضي تنفيذ الأمر فأمر الخليفة بقتل صديقه القاضي مالك بن سعيد . 

ويذكر المؤرخون أن الحاكم قال لأخته في لقاء بينهما : أنت حامل ، وأنه رماها بالفجور ، وكان هذا وقت تجاوزت فيه ست الملك الخمسين من عمرها ، وحين تأتيها هذه التهمة صريحة واضحة من أخيها الذي شاركت في تربيته فإننا نتوقع أن الأمور وصلت بينهما إلى حد القطيعة الدائمة..

وكانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقولون ، لأنه بعدها بقليل تم اغتيال الحاكم بطريقة الجريمة الكاملة.

فكرت ست الملك في قائد ينفذ لها مهمة الاغتيال فوقع اختيارها على الأمير ابن دوَّاس الذي كان يعيش في رعب متخوفاً من غدر الحاكم به ، فاستغلت ست الملك هذا الخوف فأوكلت اليه بتلك المهمة ، وتردد ولكنه فوجئ بها تدخل عليه متنكرة وتدخل عليه ، فانكب على الأرض يقبلها قدمها ، فعرضت عليه أن يقتل الحاكم قبل أن يقتله ، واطمعته في أن يكون مدبر الدولة لابن الحاكم الذي سيتولى الخلافة بعده .. وأن شئون الدولة ستكون بينهما وبينه ، لم يجد ابن دواس حلا اخر غير القبول والاذعان لامر ست الملك ، واجتهد ابن دوَّاس في التنفيذ بعد أن أعــدّت له ست الملك الخطة ، وكانت تعرف مواعيد خروج أخيها من القصر متنكراً وعليه ثياب الرهبان راكباً حماراً ، وفي ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوال خرج الحاكم بعد أن ودع أمه ، وانتظرت أمه وأهل القصر رجوعه فلم يرجع ، وبذلك نجحت خطة ست الملك في اغتياله..
وفي هذا الوقت كانت ست الملك قد أعدت عدتها للإمساك بكل الخيوط ، فأمرت الوزير خطير الملك باستدعاء الأمير الفاطمي ابن إلياس بدمشق دون أن تعلمه بما حدث للحاكم ، وحين أتى إلى الحدود المصرية قتلوه حتى لا يطالب بالعرش ، وفرقت في الجنود مليون دينار ، وأعلنت للناس غيبة الحاكم وأنه يراسلها وأمرت الناس بالكف عن الكلام ، وأمرت بقتل من يتزيد في الكلام ومن يتخلف عن بيعة ابن الحاكم وهو الظاهر ـ بالخلافة..
وتمت البيعة للخليفة الظاهر الفاطمي في يوم الأضحى سنة 411هــ ، وكان عمره وقتها ست عشرة سنة وثلاثة أشهر ، وهي التي ألبسته تاج الخلافة المرصع بالجواهر وجعلت على رأسه مظلة مرصعة وأركبته فرساً رائعاً بمركب ذهب مرصع بالجواهر ، وأخرجت بين يديه الوزير وكبار الدولة ، فلما تقدم الموكب هتف الوزير في الناس : يا عبيد الدولة مولاتنا ست الملك تقول لكم هذا مولاكم أمير المؤمنين فسلموا عليه ، فارتمى ابن دوَّاس بين يديه يقبل الأرض وتتابع بعده القواد والزعماء يعطونه العهد والميثاق ، وهمس أحد الغلمان قائلاً : لا أبايع حتى أعرف خبر مولاي الحاكم ، فأخذوه لوقته وغرقوه في النيل ، فارتعب الجميع ، وتم الأمر لست الملك والخليفة الصغير الذي ليس له من الأمر شيء..
وأظهرت ست الملك الود الزائد لابن دوَّاس شريكها في المؤامرة ، فزارته في منزله وجعلته يثق فيها ، وبعد أن تم لها الأمر أشارت إلى عبيد الحاكم بأن بن دوَّاس هو قاتل سيدهم الحاكم فدخلوا عليه وقتلوه ، وقتلوا كل من شارك في المؤامرة وبذلك نجحت في تنفيذ الجريمة الكاملة ..استمرت الأميرة لثلاث أعوام بعد مصرع أخيها تدبر شئون الدولة وتدير أمورها حتي وافتها المنية في أواخر عام 414هـ / 1023م وهي في الخامسة والخمسين من عمرها. 

بحث كامل عن السحر فى مصر القديمة

بحث كامل عن الأسكندر المقدونى

بحث كامل عن مقابر بنى حسن

بحث كامل عن دير سانت كاترين

بحث كامل عن الهكسوس

9 التعليقات:

 
جميع الحقوق محفوظة لـ الآثرى الفصيح
تركيب وتطوير | حراس الحضارة