بقلم الباحثة
نسمة جابر
الباحثة بالحضارة الرومانية جامعة طنطا
كان المستوطنون الإغريق يمارسون عملية غريبة وغير إنسانية فى تنظيم الأسرة وهى تقليل عدد الإناث بحيث لايزدن عن واحدة أو إثنين فى الأسرة،إلا فى حالات نادرة وربما كان ذلك لاسباب إقتصادية،فالقدرة الإنتاجية للمراءة فى العصور القديمة كانت أدنى بكثير من قدرة الرجل الذى هو عصب الحياة فى المجتمعات الزراعية،كما أن الأبنة كانت مكلفة فى تربيتها وأكثر تكلفة عند زواجها، عندما تدفع الدوطة(المهر) لعريسها، كما كانت طوال حياتها فى حاجة الى من يعولها ويدافع عنها. من ثم وجدوا الحل الذى يتمثل فى التخلص من الأناث أوحتى الذكور الزائدين عن الطلب بإلقائهم فى أكوام القمامة خارج المدن حتى يلاقوا حتفهم أو تأكلهم الضوارى،هذه العادة لم تكن تمارس عند الأغريق الكستوطنين فى مصر وحدهم بل نجدها عند شعوب أخرى مثل وأد البنات عند العرب فى الجاهلية، وعند بعض المناطق الفقيرة فى الهند فى الوقت الحاضر ،فى حين كانت الديانة المصرية القديمة تنظر الى هذا التصرف بأنه مخالف لها .ففى الترانيم التى كانت تنشد الى إيزيس، كانت تذكر أنها لم تمنع اللبن قط عن فم رضيع ،كما ان صورها المتعددة التى تظهر على الأثار وهى تمد ثديها الالملىء باللبن لفم ابنها الصبى حورس (يصور حورس صبى يرضع وليس طفلاً وهذا مبالغة فى الأمومة). ونتيجة ذلك كان المصريون يلتقطون هؤلاء الأطفال المنبوذين من أكوام القمامة لتربيتهم واتخاذهم ابناء لهم أو يبيعونهم كرقيق ،كما ورد فى سورة يوسف فى القراءن الكريم ""وقال الذى إشتره من مصر لأمراته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً""صدق الله العظيم .وكانت ظاهرة التقاط الرضع من أكوام القمامة "εχ χοπριας ανελειν" تسبب مشاكل ومتاعب قضائية ، كما توضح المادة 43 من لائحة الاديوس لوجوس التى انذرت أن أى مصرى يلتقط ولدا من أكوام القمامة ويتخذه ولدا تصادر ربع ممتلكاته بعد موته.ومن أشهر القضايا التى أثارها ذلك الأمر النزاع القضائى الذى تورده إحدى الوثائق البردية المؤرخة بسنة 49م حول أحد هؤلاء الملتقيتين .فقد التقط رجل مصرى إسمه بسوريس من أحد الأكوام بمدينة أوكسيرينخوس طفلا أطلق عليه إسم هيراكلاس ،وعهد به الى مرضعة تدعى سارايوس بعقد لمدة عامين، وبعد مرور عام إدعى بسوريس أن المرضعة أهملت الرضيع فأخذه منها ، غير أن المرضعة تسللت واستعادت الرضيع فى غياب بسوريس ، فأقام بدعوة ضدها أمام حاكم الإقليم ، وإدعت المرضعة فى المحكمة أن هيراكلاس اللقيط قد مات وأن الذى أخذه بسوريس ليس هيراكلاس ولكن ابنها من بطنها. وعلى ذلك وقع حاكم الإقليم فى حيرة، وأصبح فى موقفأشبه بموقف سليمان عليه السلام ، لكنه إتخذ قرارا حكيما يحمل روح التعقل فى الإدارة الرومانية ، إذ ذكر أن الطفل يشبه المرضعة سارايوس ، وأنه سوف يصبح ابنها إذ ما قدمت ما يثبت موت هيراكلاس وفى نفس الوقت تدفع غرامة الإهمال فى الرضاعة طبقا للشرط الجزائى المتضمن فى العقد المبرم بينهما.
بحث كامل عن السحر فى مصر القديمة |
بحث كامل عن الأسكندر المقدونى |
بحث كامل عن مقابر بنى حسن |
بحث كامل عن دير سانت كاترين |
بحث كامل عن الهكسوس |
0 التعليقات:
إرسال تعليق